استطلاع الحكومة لو غيرنا الأسئلة؟!

د. ضيف الله الحديثات 
لم تكن حكومة الدكتور بشر الخصاونة، اوفر حظا، من حكومة توفيق ابو الهدى ١٩٤٨م، وحكومة سعد جمعة ١٩٦٧م، وحكومة احمد اللوزي ١٩٧٣م، هذه الحكومات التي عاصرت النكبات والنكسات والحروب، التي غيرت وجه المنطقة وديموغرافيتها . 

حكومة الخصاونة، هي أكثر حكومة أردنية ورثت احمالا ثقيلة منذ ثلاثين عاما، وتحملت افرازات وتداعيات حرب دون أسلحة، حرب ضد كورونا التي استنزفت الموارد وقلصت الفرص، وجعلت كل دولة في هذا العالم تقول اللهم نفسي، فالعديد من مؤسساتنا الاردنية اخذ إنتاجها يتراجع، وفرص العمل فيها تقل، في الوقت الذي ازداد فيه أعداد الخريجين، والباحثين عن العمل، وهذا يعني زيادة نسبة البطالة واتساع شريحة الفقر. 


يدرك اغلب المواطنين الاردنيين، ان الحكومة لم يقتصر جهدها على التصدي للوباء اللعين فقط، لا بل لديها تركة ثقيلة ورثتها عن الحكومات السابقة ، حيث وصلت نسب البطالة في حكومتي النسور والملقي 22.7 بالمئة، وزاد الرقم في حكومة الرزاز أيضا، وكانت الحكومات تتجه نحو الاقتراض، ففي عام 2020 وصلت نسبته الى 106.5% من الناتج المحلي الإجمالي، فيما وصل رصيد الدين العام المستحق على الأردن، في بداية عام 201‪9م الى 26.29 مليار دينار.


كما وتراجع الدعم الخارجي، المقدم للمملكة لقاء تحمل جزء من تكاليف اللاجئين السوريين والعراقيين وغيرهم الذين ارهقوا البنية التحتية لدينا وشكلوا ضغطا على موادنا، في الوقت الذي شحت فيه الأمطار، الهاطلة علينا خلال السنوات الثلاثة الماضية، وقلت المحاصيل الحقلية من قمح وشعير وغيرها، اضف الى ذلك جفاف السدود، ونضوب المياه الجوفية، وانحسار المراعي. 

نحن هنا لسنا في معرض الدفاع عن الحكومة، لكنها تواجه خصوم سياسيين وعبثيين ايضا، يبحثون عن السلبيات ويعظمونها، أصيب البعض منهم بعمى الألوان ، يرى الأبيض اسود والجميل قبيح، يهجونها بمناسبة وبدونها. 


يتزامن ذلك مع هجمات عنيفة تتعرض لها أيضا ، ونقد لاذع ومماحكات غير منطقية، من بعض الكتاب الصحفيين، مستفيدين من اجواء الحرية والانفتاح الاعلامي، الذي تشهده  مملكتنا المباركة. 


هذه الأمور وغيرها، ساهمت في التأثير بوجهة نظر المواطنين، بالنسبة للحكومة، من هنا فإن استطلاع الرأي، الذي أعلن نتائجه مركز الدراسات في الجامعة الاردنية امس، خرج بنتائج لم تكن مستبعدة، لكنه لو تم تغيير الأسئلة وصيغتها ومضمونها، وطرح التحديات الداخلية وعمقها والتأثيرات الخارجية وجسامتها، لكانت نتائج الاستطلاع مختلفة تماما. 


لهذا من يعتقد أن الحكومة، تحمل عصا موسى أو تملك الفانوس السحري، وتستطيع ان تعمل تغيير بكبسة زر فهو واهم، فزمن المعجزات انتهى، لكنها  اذا واصلت الهمة العالية واستمرت بمكافحة الفساد، بأشكاله وأنواعه، فإنها تحتاج لخمس سنوات على أقل تقدير حتى تعيد التوازن، وتصلح جزءا كبيرا من أخطاء الماضي، وتستقر أمورنا الاقتصادية، ونكون أكثر تفائلا بان هذا ممكن جدا، في حال استمرارية حكومة الخصاونة، بعد إجراء انتخابات مجلس النواب القادم، الذي سيكون بصبغة حزبية.