الشاعر عرار وطني أصيل ومتيّم في حب الأردن


بقلم : محمد الوشاح

خلال هذا العام الذي نودع يومه الأخير ، كانت هناك محطات كثيرة مؤلمة ومفرحة ، أما المؤلمة فهي استشهاد عدد من أبناء الوطن أثناء أدائهم الواجب دفاعا عن الوطن والمواطنين ، وأما عن المفرحة فسأتناول خبر اعتماد المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ( الألكسو ) الشاعر الأردني الكبير مصطفى وهبي التل رمزاً عربياً للثقافة للعام 2022 ، وقد جاءت هذه المناسبة في احتفال كبير حضره وزراء الثقافة العرب ، وقد تمّ اختياره كونه شاعرنا رائداً من رواد الشعر وإحياء التراث في العصر الحديث ، حيث استطاع نقل القصيدة الأردنية من مساحاتها المحلية إلى فضاءاتها العربية . 


وقد تميز شعره بالبساطة واللغة القريبة من الناس ، وهو من الأصوات الأردنية المميزة التي برزت واشتهرت في غرس الروح الوطنية بين المواطنين الأردنيين ، حتى أنه كان يقسم بأشخاص وطنيين أردنيين وبأسماء قرى أردنية كماحص والفحيص وبالطفيلة والثنية وغيرها ، لهذا يعتبر الشاعر عرار وهو والد الشهيد وصفي التل رمزا وطنيا للشعب الأردني ، وقامة أردنية رائدة في الشعر والأدب واللغة والتاريخ والترجمة ، وهو منفتح على الثقافة العربية والتاريخ والتراث ، وصادق في انتمائه للأرض والطبيعة الأردنية ، كما  كان – رحمه الله - متعدد الاهتمام بين القانون والفكر والسياسة ، ومتقناً للغات الأجنبية ومنها الانجليزية والفرنسية والتركية والفارسية ، وهذه الصفات جميعها قلّ أن نراها في شاعر آخر .

ولعل هذا الاختيار من جهة الألكسو للشاعر عرار هو إنصاف له على المستوى العربي والانساني وذلك لقيمته الشعرية والأدبية والثقافية والسياسية الكبيرة على مستوى الأردن والوطن العربي ، وأجمعت لجنة الألكسو أن الشاعر مصطفى التل أنموذج للشاعر العربي المبدع .

انفتح عرار على الوطن العربي من خلال العلاقة التي نسجها مع كثير من الأدباء العرب في مصر وسوريا والعراق ولبنان وفلسطين ، وانفتاحه كذلك على الأدب العالمي وترجماته لرباعيات الخيام ، واهتمامه بالقضايا الأدبية واللغوية والفكرية من خلال الحوار على صفحات الجرائد والمجلات مع عدد كبير من الكتّاب العرب الذين عاصرهم في زمنه . 

وقد تنوع إنتاجه بين الشعر والتاريخ والدراسات اللغوية والقضايا الفكرية ، كما لمسناه في دواوين : عشيات وادي اليابس وبالرفاه والبنين والأئمة من قريش ، إضافة الى مقالاته في اللغة والأدب وأوراق عرار السياسية ، وقد كُتب عنه في الكثير من الرسائل الجامعية لطلبة الماجستير .

 والآن وبعد مرور ثلاثة وسبعين عاما على وفاته يشكل اختيار الشاعر الفذ عرار كرمز ثقافي عربي للعام 2022 ، منعطفا مشرقاً للأدباء والمثقفين الأردنيين والعرب وذلك لأهميته الكبيرة لديهم ، وقد تم تحويل بيته في اربد إلى منتدى ثقافي ومتحف أدبي مفتوح أمام الشباب المهتمين في المجالات الأدبية والفكرية المختلفة .

والخلاصة فإن عرار شاعر أردني أصيل مهووس في حب الأردن ، وقد وصل عشقه للوطن أن شبهه بجنة الله على الأرض ، حيث سرده في أشعاره بكل تفاصيله : سهوله ووديانه وجباله وينابيعه وأشجاره ومدنه وقراه ، ومن هنا فهو مدرسة في الوطنية والإنتماء للوطن ، عاش حياته ولم يترك يوماً دون أن يستغله في مساعدة الناس ، والوقوف الى جانب الفقراء وطلاب الحاجات ومحاربة المرابين الذين وصفهم بأنهم إخوان الشياطين .