صابرون حتى يأتي الفرج


بقلم : محمد الوشاح 

الى الأشقاء في دول الخليج : نحن لا ننسى فضل بعض دولكم على بلدنا ، ونحن الأردنيين شعب شكور وحافظ للجميل ومن طبعنا الوفاء ، فقد وقفنا معكم في أوقات سابقة وبقينا الى جانبكم ومعكم حتى اشتدّت سواعدكم ، ومواقفنا تبقى  دائماً مقرونة بأصالتنا وقيمنا وعروبتنا الصادقة .

 صحيح أننا نمرّ بظروف اقتصادية صعبة ، لكنّ الحرة في وطننا تجوع ولا ترضع من ثدييها ، والكريم معنا نردّ له الصاع صاعين ، كما الأشقاء العراقيون ، وقفوا معنا وواجبنا أن نقف معهم . 

هذه الضائقة الإقتصادية التي نمرّ بها هي ضريبة مواقفنا القومية الى جانب الأشقاء ، حيث أن موقع الأردن الاستراتيجي يفرض عليه شكل اقتصاده واتّجاهاته السياسية ، تداعيات الأوضاع في العراق والهجرة الجماعية من فلسطين 48 و 67 ومن سوريا إلى الأردن 2012 ، وتكاليف حماية حدودنا من بطش تنظيم داعش ، وارتفاع تكاليف الحياة بسبب عامين من الكورونا وتداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية .


لقد فتحنا بلادنا للأشقّاء الفلسطينيين بعد نكبة 48 ونكسة 67 ، وللتسهيل عليهم تم صهرهم في وطننا حتى صاروا مكوّناً من مكوّنات المجتمع الأردني ، وأقمنا لهم المخيمات مع الصرف عليها ،  ثمّ تحمّلنا النزوح العراقي ثلاث مرّات : الأولى عقب الحرب مع إيران ، والثانية عقب غزو الكويت ، والثالثة عقب الاحتلال الأميركي للعراق ، وبعد نشوب الحرب الأهلية السورية 2012 كان الأردن المقصد الأكبر لنزوح السوريين الذين قصموا ظهرنا ، وتخيلوا كم تحتاج هذه المخيمات من خدمات أساسية وبنية تحتية وكهرباء ومياه وغذاء وأمن وحماية ومكافحة تهريب وغير ذلك . 


أكاد أجزم أن نصف الموازنات الأردنية منذ 70 عاماً ذهبت لأجل المهاجرين الى وطننا ، والأردن هو الدولة الوحيدة في العالم الذي حمل على كاهله أعباء كبيرة ، وتحمّل نزوح ولجوء أعداد من البشر توازي عدد سكانه ، وفي النهاية لا نطمح غير رضى الجيران والأشقاء ، وكرامتنا تجعلنا نخجل ولا تسمح لأن نقول لهم ، ضيافتكم انتهت فعودوا الى أوطانكم التي استقرت أحوالها وصارت متاحة لكم باستثناء العراق الحبيب الذي لم يستقر بعد .

لقد كتبتُ أكثر من مرة أن تكلفة اللجوء السوري في الأردن تضاهي سنويا 700  مليون دينار ، وتكلفة المخيمات الفلسطينية تزيد سنويا عن 900 مليون دينار من غير تفاصيل ، وأن عددا كبيرا من الوظائف وفرص العمل المخصصة أصلاً للأردنيين أصبحت مشغولة من قبل الوافدين ، وبالمقابل هناك اكثر من 450 ألف خريج أردني عاطلين عن العمل ، ومع كل ذلك سنظل كأردنيين صابرين مستحملين حتى يأتي الفرج من رب العالمين ،، لكن الى متى الله أعلم .