جدل الإعفاءات الطبية؟!

د.ضيف الله الحديثات 
الجعجعة التي أصدرها بعض النواب امس تجاه الحكومة غير مقبولة، والتي جاءت على اثر نقل الأخيرة ملف الاعفاءات الطبية من رئاسة الوزراء إلى الديوان الملكي، كجهة موثوقة ومحايدة وعلى مسافة واحدة من جميع المواطنين، لادارة هذا الملف ضمن أسس ومعايير تحقق العدالة للجميع .


ففي الوقت الذي ارتفعت فيه حدة النقاش، تحت القبة عن الإعفاءات، واثارها الإيجابية على المواطنين، علينا أن نرفع صوتنا عاليا، انه من غير المقبول، ان يحصل قريب وصديق النائب الفلاني والعين العلاني على اعفاء طبي، بينما يحرم منها آخرون !! رغم حاجتهم الماسة لها، هذه معادلة غير محقة لابل تعد مخالفة صريحة وواضحة، لدستور المملكة، فالاردنيون متساوون في الحقوق والواجبات، والمستغرب هنا ان نجد  نوابا يعارضون  هذه الخطوة الإصلاحية، وهم يعلمون علم اليقين انها صحيحة، ولم تأت بهدف المجاكرة أو المداقرة كما وصفوها !!


"المال السائب يعلم السرقة" مثل شعبي نردده  في مجالسنا توارثناه من الآباء والأجداد، ونفهم معناه جيدا، فهل من المنطق ان تترك الحكومات هذا الملف، دون إعادة نظر أو ترتيب؟!  نحن لا نتهم نائبا بعينه يحصل على اعفاءات طبية كثيرة، يوزعها هنا وهناك على انصاره وداعمي حملته الانتخابية ومعارفه، ويوزعها احيانا كمكارم من "سعادته" لغايات انتخابية، شابها علامات استفهام في الفترة الأخيرة،  فقد سمعنا قبل سنوات عن المتاجرة بفيز الحجاج، فمن الواجب على الحكومة، قطع الطريق على الاشاعات و"القيل والقال" وتوصيل الاعفاءات لمستحقيها، ضمن أسس عملية، تضمن تحقيق أعلى درجات النزاهة والشفافية .


  القرار الحكومي، اعتبره أيضا بعض النواب استهدافا للمواطنين، من ناحية ولهم ولرئيسهم من ناحية أخرى، وفي الحقيقة ان مبررات الرفض النيابي للقرار، لا يثق بها الكثيرون، لأن الحكومة برئاسة الدكتور بشر الخصاونة، ارادت تحقيق عدالة غائبة منذ سنوات، وبحركتها هذه عملت على إصلاح التشوهات، التي تظهر أو يكشف عنها، من خلال متابعة جادة مخلصة، بعيدة عن الشعبويات الزائفة، التي تحظى بها عند  النواب، لو تركت الحبل على الغارب!!


فإذا كانت مخصصات الإعفاءات، للعام الحالي وصلت إلى 95 مليون دينار، هذا المبلغ يحتاج لادارة حصيفة،  قادرة على إدارته دون تحيز لاحد، وتمتلك المعلومات الكافية، عن طالبي الاعفاء لمعرفة من يستحقها عن غيره، علما ان نسبة المؤمنين صحيا في المملكة قرابة 75% والنسبة الباقية تحصل على خدمات طبية تمنح لهم من خلال إعفاءات تصدر عند الجائحة .


حالة الاختلاف، والحديث عن الإعفاءات الطبية، تفتح شهيتنا ان نفكر مليا، بكيفية إلغاء جميع الاعفاء الطبية، والإسراع بتطوير الخدمات الصحية في القطاع العام، لتتمكن من استيعاب الاعداد المتزايدة، من المراجعين، ضمن أعلى مستويات الجودة والخدمات العلاجية .