السنيد يكتب: "فيروس" صغير غير مرئي يهدد العالم لنائب الاسبق علي السنيد

اليس من ايات الله سبحانه وتعالى ان فيروسا صغيرا غير مرئي بالعين المجردة يضع كافة الدول في خطر، وتطال الاجراءات الاحترازية الواجبه للتعامل معه حتى رؤساء الدول ورؤساء الحكومات والوزراء ، وكذا قادة الجيوش الذين لا يستطيعون حماية انفسهم، ورجال الاعمال والاثرياء والنجوم اصبحوا تحت طائلة التهديد لكثرة اسفارهم، ومليارات البشر يتحسبون من خطر داهم، ولا احد يستطيع ان يكون في مأمن من الخطر فتتعطل الحياة العامة، وتغلق الدول حدودها ، وتتوقف حركة الطيران وتعلق الرحلات الجوية، وتتوقف الناس عن ارتياد الاماكن العامة، ويتلقون نصائح بالبقاء في بيوتهم، وتغدو الشوارع والاماكن العامة خالية، وحتى المساجد والكنائس فتتوقف فيها الصلوات ، والكعبة تصبح خالية لينطبق عليها قول الشاعر العربي كأن لم يكن بين الحجون الى الصفا انيس ولم يسمر بمكة سامر
بلى كنا اهلها فابادنا صروف الدهر والجدود العواثر

والفيروس يواصل تهديده فيضرب قطاعات السياحة في الدول، وتعاني شركات الطيران، وتتضرر حركة الاستيراد والتصدير .

وتتخذ القرارات الخاصة بكل دولة تتعلق بمنع التجمعات سواء لاسباب ثقافية او رياضية، ويتم وقف التعليم وتغلق المدارس والجامعات ابوابها، وتمنع التجمعات فتخلو المقاهي والمولات من العامة ، وتطال الخسائر الفادحة القطاعات الاقتصادية في كافة الدول ، وتهبط اسعار النفط، وتخسر الشركات مئات المليارات، ويصل الامر الى حد التأثير على الخصوصية الفردية فيتوقف تبادل السلام والتقبيل بين الناس، ويقلع البشر عن عاداتهم ولقاءاتهم مرغمين فتتوقف مراسيم الافراح والاتراح المعتادة. ويسود الخوف والهلع البشرية كافة، فكل لحظة تشكل خطرا.

وتسابق منظمة الصحة العالمية ووزارات الصحة في العالم، ودول كبرى الزمن في ملاحقة دائمة للفيروس الذي يصبح الحدث الابرز عالميا، والاكثر سيطرة على وسائل الاعلام في العالم.

وكورونا الفيروس الصغير يواصل عدوانه على البشرية غير عابئ بتطورها العلمي والتقني والحضاري والطبي الذي يقف عاجزا عن التعامل معه الى اللحظة حيث وصل بتقدمه الى الغالبية العظمى من الدول، وهز اسوار الدول الكبرى ولم يعبئ بقوتها، او جيوشها، او اسلحة الدمار الشامل لديها، وشكل خطرا داهما على شعوبها المذعورة.

وكل ذلك فيما يبدو ليس الا لتذكير هذه البشرية السادرة في غيها انها تقع بقبضة الله سبحانه وتعالى، وانها غير قادرة على حماية نفسها من اصغر مخلوقاته، وان حضارتها وكياناتها السياسية والاقتصادية مهددة بأية لحظة ، وهذا قد يكون مصداقا لقوله تعالى " حتى اذا اخذت الارض زخرفها وازينت وظن اهلها انهم قادرون عليها اتاها امرنا ليلا او نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالامس كذلك نفصل الايات لقوم يتفكرون".

فالبشرية ليست حرة ، ولا تملك من زمام امرها شيئا، ومصيرها بيد خالقها سبحانه وقدرته التي تصغر كل حضارتها امام اصغر مخلوقاته.

وهذا مدعاة لان تتوقف حركة الالحاد، والمادية، وانكار الحقائق الواضحة في الكون وان يلتزم الناس بتوجيهات خالقهم التي وردت عبر الرسالات والرسل. وان ينضوي الناس في اطار نظام اخلاقي ينظم العلاقات بينهم على اساس من العدل والمساواة، وبما يوقف الظلم والاستبداد، وان تتوقف عمليات سرقة الشعوب والاستيلاء على مقدراتها ومصائرها، وان يترك للشعوب الحق في اختيار ممثليها وتحقيق امالها وتطلعاتها الوطنية.

وهذا مدعاة للاغنياء والاثرياء لمشاركة الفقراء في هذا العالم بحق العيش الكريم، وان يراعوا حقوق الفقراء في اموالهم وان يتوقفوا عن البحث عن السعادة وحدهم وان يشركوا اخوانهم في الفرح، وان يجنبوهم ما استطاعوا مأسي الحياة ، وضوائقها وكربها. وانه لشيء معيب ان يكرس العديد من مليارديرات العالم من غير المسلمين ثرواتهم واموالهم في اعمال الخير، والبحث العلمي ومكافحة الامراض المعدية في حين يكنز اثرياء المسلمين ملايينهم وملياراتهم التي سيتركونها خلفهم ، ويذهبون الى الله تعالى عرايا لا يحملون معهم سوى اكفانهم، فكيف بهم اذ يصمتون عن معاناة ملايين الفقراء من اخوانهم ، ولا يدركون حقيقة الدور المنوط بهم بموجب الامكانيات التي اعطاهم الله اياها.

وهذا مدعاة ايضا لان تعود القيم الى حياتنا وان يعلو النظام الاخلاقي والقيمي في تعاملاتنا، وان تخف نوازع الشر في العلاقات الانسانية.

فكلنا محكومون بقدر الله، وكلنا نرجو رحمته، وكلنا ضعفاء مهما بلغت حضارتنا، وتقدمنا العلمي والطبي امام قدرته، ونعيش على ارضه وفي كونه وبفضله وتحت حكمه سبحانه تعالى.