قريتي التي كانت

 

 

يسافر بنا الحنين دائما لما مضى لأن ما مضى أجمل بكثيير مما نعيشه الآن من تعقيدات وحياة مزيفة مليئة بكلما هو مصطنع ورديء وباهت .

منذ سنوات خلت كانت قريتي الحبيبة تعج بالحياة والناس الطيبين أصحاب القلوب الكبيرة والنفوس المتواضعةالرحيمة ، كانت كريمة لحد الترف وجميلة وبهية بالرغم من بساطتها الراقية .

 

تأتي المدنية لتنثر لعنتها ليس على قريتي فقط بل على معظم قرى الوطن الحبيب ليحل الجفاء في كل مكان -الا منرحم ربي - وهم فئة لا زالت تتمسك بفتات من أصالةٍ تربى عليها ولا يريد لها الإندثار .

 

غادرها راحلين عن هذه الدنيا من كنت اعتبرهم مرساة للقواعد والأخلاق النبيلة، أصحاب الرأي السديد والشورى والمشورة .فحلت الفوضى وفقدنا الكبير الحكيم الذي يجمع ولا يفرق ولا يهادن ولا يجامل ينثر المحبة والطمأنينةأ ينما حل .

 

 فحل محلهم جيل لا يراعي أبسط قواعد الأصول ولا يعلموها . فلم يعد الجار يتفقد جاره كما كان ولاحقت النساء الحضارة والمدنية العمياء التي غيرت ملامح القرى الأصيلة لشيء لم أعد أعرفه وأمقته .

 

 

كانت تغمرني السعاده كلما حان موعد الإجازة لأقضي أروع اللحظات والليالي الجميلة في أحضان الجدود وربوع الاخوال والأعمام في مواسم الحصاد وبيادر القمح ورائحة الطابون ورائحة الجدات التي تفيض خيراً وحباًللجميع .

 

 

أظن أنني فقدت جزءً من نفسي بفقداني قروية القرى وما كانت عليه من فرح وراحة بال وأخذت كل يوم  العنالمدنية التي حلت بظلالها الدامسة على هذه الأماكن والمناطق التي اعتبرها ذات قدسية ومرجعية لكل ما هو جميل . لعنة المدنية لم تطال فقط البيوت البسيطة بل تطاولت لتشوه عبق رائحة القرى الخاص برائحة عوادم السيارات كما شوهت المشاعر الصادقة والعلاقات الإنسانية المتينة ذات القواعد الأصيلة .

 

 

قريتي الحبيبة :

 

ليتك لم تتطوري وليت وباء المدنية لم يلامس جدرانك الطاهرة وشغاف